علامات الساعة الصُغرى

لتحميل المحاضرة pdf اضغطي هنا



بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله..

أهمية الموضوع :

عن عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- أن النبي e قال: (لقيت ليلة أسري بي إبراهيم وموسى وعيسى -صلوات الله عليهم جميعا- فتذاكروا أمر الساعة).[1]

إذن الخليل عليه السلام، والكليم عليه السلام، وروح رب العالمين، وسيد البشر أجمعين مهتمون لأمر الساعة ألا يلزمنا نحن الضعفاء المقصرون أن نهتم بأمرها ونعد العدة ونتزود لها ...

يقول الله عز وجل: ) يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ(

إذن وقت قيام الساعة لا يعلمه إلا الله ..

لكن الله سبحانه الذي أخفى وقت قيام الساعة عن كل خلقه، قد أطلع سبحانه وتعالى نبيه e على أمارات وأشراط وعلامات الساعة

ولسنا الآن بصدد تعداد هذه الأمارات، لكننا سنتحدث عن فتن ظهرت، وأمور أصبحنا نعيشها واقعاً يومياً والكثير منا يغيب عنه أنها علامة من علامات الساعة.

يقول عليه الصلاة والسلام:

·      لا تقوم الساعة حتى يظهر الفحش والتفاحش وقطيعة الرحم وسوء المجاورة.[2]

·      لا تقوم الساعة حتى تظهر الفتن ويكثر الكذب.[3]

·      بين يدي الساعة أو من أمارات الساعة أن يظهر موت الفجأة.[4]

·      لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم وتكثر الزلازل ويتقارب الزمان.[5]

·      لا تقوم الساعة حتى تتقارب الأسواق[6]

·      إذا ضيعت الأمانة فانتظروا الساعة[7]

·      أن تلد الأمة ربتها[8]

أخواتي:

نحن لا نود أن نذكر العلامة ونمضي .. بل لنقف مع العلامة ونشخص الداء .. ونبحث عن الدواء لعل رب الأرض والسماء أن ينجينا وإياكم من هذه الفتن ما ظهر منها وما بطن، إنه ولي ذلك والقادر عليه..

بداية نستهل حديثنا بعلامة قد انتشرت واستشرت على مستوى البشرية عامة، وعلى مستوى الأمة خاصة. ولا حول ولاقوة إلا بالله..

يقول الله تعالى: )إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا(

تصوري.. تشفق الأرض..وتشفق السماء .. وتشفق الجبال من حمل الأمانة، ويتقدم الإنسان القصير العمر .. الضعيف الحول .. الذي تتحكم فيه الشهوات والرغبات .. والذي قلبه أشد تقلباً من القدر إذا اشتد غليانها .. يتقدم هذا الإنسان لحمل الأمانة .. أداها كاملة على مراد الله فهو الأمين، ومن خانها فهو الظلوم الجهول )وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (



السؤال الآن.. ما هي الأمانة؟

يقول أبو العالية: "الأمانة هي ما أمروا به وما نهوا عنه"، وقال قتادة: "الأمانة هي الدين"

فالدين أمانة.. الفرائض أمانة.. العبادة أمانة ..جوارحنا سنسأل عنها هل حفظناها ووظفناها في طاعة الله ) إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا(

طلب العلم أمانة.. التعليم أمانة.. التربية أمانة..

أخرج البخاري -رحمه الله- في باب سمّاه باسم يهتز له من كان له قلب "باب رفع الأمانة" حديث الرجل الذي سئل الرسول eعن الساعة، فقال e: (إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة" فقال الأعرابي: كيف إضاعتها يا رسول الله؟ فذكر النبي صلى الله عليه وسلم صوره من صور ضياع الأمانة .. قال: "إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة)[9]

جعل عليه الصلاة والسلام إسناد الأمر إلى غير أهله تضييعاً للأمانة، وجعل تضييع الأمانة علامة من علامات الساعة، فهذه هي العلامة الأولى..

ونحن نرى من يتولى أموراً ليس أهلاً لها ولا كفواً، فواجب على من تحملت مسئولية واتخذت مكاناً أن تكون من الصادقين المتجردين، وأن تأخذه بحقه أو تتركه لغيرها ...

ذهب أبو ذر -رضي الله عنه- إلى النبي e قال: (قلت يا رسول الله ألا تستعملني؟ (أي: ألا تعطيني وزارة أو ولاية أو أمارة) قال: فضرب بيده على منكبي ثم قال: " يا أبا ذر،

إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها).[10]

واعلمي أخيتي أن من صور تضييع الأمانة الإستهانة بالكلمة .. فبكلمة واحدة قد تنالين رضوان الله وبكلمة واحدة قد تنالين سخط الله.

وينبغي لمن تصدت للتعليم أن تتقي الله فيمن تحت يدها، فالعلم الذي بيدها أمانة، فليؤدي هذا العلم بفهم دقيق، ووعي عميق، وكلمات صادقة، ومراجع مدروسة، ولا يزور هذا العلم ولا يقدم من أجل هوى أو من أجل دنيا.

كما أن طالبة العلم مستأمنة على المكان الذي جلست فيه، ومستأمنة على العلم الذي بيديها، ولا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن (ماذا عمل فيما علم).[11]

وتنبهي معي أخيتي إلى من تنشغل خلال الدروس العلمية بمواد أخرى أو أحاديث جانبية ألا يعد هذا خيانة لأمانة العلم. (قال بهذا الشيخ صالح اللحيدان حفظه الله)

وبشكل عام أخواتي فإن خيانة الأمانة لا تعني ما يفهمه العامة من أنها أكل أو عدم أداء ما ائتمنك عليه الناس من أموال فقط،

وإنما تعني كل ما أفسده الإنسان أو أنكره أو نقضه سواء من حقوق الله مثل: ترك الصلاة والتكاسل عن أدائها، أو أدائها غير تامة الشروط والأركان، منع الزكاة أو التقصير في أدائها ومقاديرها ونوعيتها، عدم الإخلاص في الصوم وارتكاب المحظورات فيه من غيبة ونميمة وغيرها، التراخي في أداء الحج حتى يفوت العمر، وغير ذلك من حقوق الله عز وجل.

كما تشمل حقوق العباد التي منها: أكل الأموال بعدم رد الأمانة التي ائتمنت عليها أو إنقاصها أو إتلافها، ومنه أيضاً إفشاء الأسرار، والغش في النصيحة والمشورة، والاعتداء على الأعراض والحرمات، والغيبة، والنميمة، والغش في البيع والشراء والصناعة، والتقصير في أداء العمل وإتقانه.

كما تشمل خيانة الأمانة أيضاً حقوق النفس ومنها: تعريض العقل والبدن إلى المهالك بتعاطي المفسدات، أو بالتقصير في الضروريات كالعلاج والطعام.

وأخطر أنواع الخيانة خيانة أمانة النفس وذلك بإثقالها بالمعاصي والسيئات، وعدم تطهيرها بالعبادات، وعدم تزكيتها بالطاعات والحسنات كي تنجو يوم الحساب.

-والله المستعان على كل ما ذكرت- ..

v العلامة الثانية:

روى البخاري في صحيحة من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي e قال: (لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم وتكثر الزلازل ويتقارب الزمان)[12]



ما معنى قوله عليه الصلاة والسلام: (ويتقارب الزمان)؟

فسر هذا في حديث آخر .. يقولe: (لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان، فتكون السنة كالشهر، ويكون الشهر كالجمعة -أي كالأسبوع- وتكون الجمعة كاليوم، ويكون اليوم كالساعة، وتكون الساعة كاحتراق السعفة والخوصة -يعني كاحتراق ورقة نخيل-).[13]

وكأنه عليه الصلاة والسلام يتحدث عن أسابيعنا وأيامنا وساعتنا ..

الآن هنا في المعهد نرى استمارات التسجيل نتذكر أنفسنا وكأنه بالأمس..

حتى لو أردت كتابة الأحداث التي مرت بك

منذ دخولك المعهد لن تتعدي ورقة واحدة ..

الجميع يشتكي من ضيق الوقت وتفاوت الساعات .. ويبدأ اليوم وقد حددت لك قائمة من أعمال التي تريدين إنجازها، ثم ينتهي اليوم سريعاً والبعض لم ينجز من أعماله شيئا ..

لماذا هذا التقارب المذهل؟ لماذا كان السلف وفيهم من مات في عمر الشباب أعظم أعمالاً وأكثر انجازاً منا؟!

كيف تكون البركة في اعمالنا وأعمارنا وكلماتنا وأحوالنا وبيوتنا وأموالنا وصحتنا؟

يقول الله تعالى : )وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ(

فالجواب .. بالإيمان والتقوى .. نسأل الله أن يرزقنا الإيمان والتقوى..

لكن ليس الإيمان كلمة تقال فحسب، وإنما هو قول باللسان، وتصديق بالقلب، وعمل بالجوارح.

والتقوى دين ومنهج، ونحن نحتاج إلى أن تصدق أعمالنا أقوالنا.

نكمل الحديث .. يقولe : (لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان وينقص العمل).

لقد نقص العمل بصورة مؤلمة، وعندما نقارن بين أعمالنا وبين أعمال الصحابة والسلف الصالح نرى البون شاسعاً، فقد كان كلامهم قليلاً وعملهم كثيراً، وكلامنا نحن كثيراً جداً وعملنا قليل.



وإليك نموذجاً واحداً منهم .. مؤذن رسول الله e بلال بن رباح، كم تحفظين من أقوال أُثِرت عنه، لكن في مجال العمل اسمعي ماذا يقول له الرسول e؟ قالe: (يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام، فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة).

ماذا كان يعمل بلال؟ قال: (يا رسول الله ما عملت عملاً أرجى عندي أني لم أتطهر طهوراً في ساعة ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي).[14]

هؤلاء يعملون، فبورك نهارهم وليلهم، وسعدوا في دنياهم وأخراهم، وتواترت سيرهم تبصرة لمن كان له قلب ...

v العلامة الثالثة:

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله e قال: (لا تقوم الساعة حتى تتقارب الأسواق).[15]

قال الشيخ حمود التويجري -رحمه الله- "وأما تقارب الأسواق فالظاهر والله أعلم أن ذلك إشارة إلى ما وقع في زماننا من تقارب أهل الأرض، بسبب المراكب الجوية والأرضية، والآلات الكهربائية التي تنقل الأصوات كالإذاعات والتلفونات الهوائية التي صارت أسواق الأرض متقاربة بسببها، فلا يكون تغيير في الأسعار في قطر من الأقطار إلا ويعلم به التجار أو غالبهم في جميع أرجاء الأرض، فيزيدون في السعر إن زاد، وينقصون إن نقص، ويذهب التاجر في السيارات إلى جميع أسواق المدائن التي تبعد عنه مسيرة شهر أو أكثر فيقضي حاجته فيها ويرجع في يوم او بضع يوم".



وقد تقاربت الأسواق من ثلاثة أوجه:

1.   سرعة العلم بما يكون فيها من زيادة السعر ونقصانه.

2.   سرعة السير من سوق إلى سوق، ولو كانت مسافة الطرق بعيدة جداً.

3.   مقارنة بعضها ببعض في الأسعار، واقتداء بعضها ببعض في الزيادة والنقص والله أعلم .

وما نراه اليوم، من بيع وشراء خلال الشبكة العنكبوتية، فيتنقل المتصفح في ثواني من صفحة إلى أخرى، ومن سوق ملابس إلى سوق كتب إلى سوق أثاث... وصلى الله على الصادق المصدوق.



وأريد أخواتي أن أؤصل قاعدة:

هذه علامة ذكرها النبي e وليس بالضرورة أن تكون هذه العلامة محرمة، فليس معنى أن يذكر نبينا e علامة من علامات الساعة أن تكون هذه العلامة محرمة في دين الله عز وجل.

v العلامة الرابعة:

يقولe : (لا تقوم الساعة حتى تظهر الفتن).[16]

والفتن بالجملة تنقسم إلى قسمين: فتن الشهوات، وفتن الشبهات.

أما فتن الشهوات فهي كثيرة جداً، قال تعالى: ) زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ (

ويقولe : (والله ما الفقر أخشى عليكم، ولكني أخشى أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها وتهلككم كما أهلكتهم).[17]

الشهوات: مال، وبنون، وزينة، ولباس، ومأكل، ومشرب، ومركب..

وإليك مقياس دقيق تستطيعين أن تتعرفي به على ما بين يديك من النعم هل هي نعمة أم نقمة؟

إذا كانت النعمة تزيدك قرباً من الله تعالى واستعملتيها في طاعة الله فحافظي عليها بالشكر، واطلبي من الله أن يرزقك الإخلاص والاحتساب.

وإن كانت النعمة لا تزيدك إلا بعداً وانشغالاً عما خلقت له فهي فتنة في ثوب نعمة.

أما فتن الشبهات: فهي أخطر، لأن القلب إذا تشرب الفتنة تصبح عقيدة عند صاحبها، ويعتقد أنه على حق، وأنه به ينصر الدين، وهي في الحقيقة شبهة.

هل تعلمين أن الخوارج كفروا علياً رضي الله عنه ...وهو من هو؟ هو الذي تربى في حجر المصطفى صلى الله عليه وسلم وكفاه ... كفروه بسبب شبهة.

والخطوات العملية للنجاة من هذه الفتن تبدأ بصدق الاستعانة بالله عز وجل، ولزوم الاستقامة والعمل الصالح وقت الشدائد، وتذكري حديث رسول الله e(عبادة الهرج -أي الفتن- كهجرة إليّ).[18]

أيضاً حضور مجالس الذكر والعلم لأنك بها تتعرفين على الحلال والحرام، وعلى السنة والبدعة، واستمسكي بالصحبة الصالحة الذين يذكرونك بالله عز وجل ويشدون على يديك وينبهونك إن غفلت.

أود يا أخواتي أن أنبه هنا على قاعدة مهمة ..

قال الشيخ عبدالعزيز بن باز -رحمه الله- : "ما جاء عن النبي e في الفتن والقعود عنها فهذا عند خفاء الأمور في الفتن التي لا يظهر وجهها، ولا يعلم طريق الحق فيها، بل هي ملتبسة، فهذه يجتنبها المؤمن ويتعبد عنها بأي ملجأ، أما إن ظهر له الظالم والمظلوم، والمبطل من المحق فالواجب أن يكون مع المحق ومع المظلوم ضد الظالم والمبطل".



v العلامة الخامسة:

قال e: (إن بين يدي الساعة تسليم الخاصة وفشو التجارة حتى تعين المرأة زوجها على التجارة)

وفي رواية : (إن من أشراط الساعة أن يسلم الرجل على الرجل لا يسلّم عليه إلا للمعرفة) [19]

وهذه العلامة والله المستعان نراها واضحة جلية حتى بين طلاب العلم الشرعي وحملة القرآن والله تعالى يقول ) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ (

فإن وجدتِ إيمانًا بلا أخوة فاعلمي أنه إيمان ناقص, وإن وجدتِ أخوة بلا إيمان فاعلمي بأنها ليست أخوة دين ولا أخوة إيمان.

و قد درسنا صغاراً: (يسلم الصغير على الكبير والمار على القاعد والقليل على الكثير)[20]

فماذا عملنا فيما علمنا؟

يقول الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله-:

"السنّة أن تسلّم على كل من لقيت و أن تبدأه بالسلام ولو كان أصغر منك لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبدأ من لقيه بالسلام, وهو عليه السلام أكبر الناس قدراً, ومع ذلك كان يبدأ من لقيه بالسلام وأنت إذا بدأت من لقيتيه بالسلام حصلت على خير كثير: منه اتباع الرسولe .

ومنه أنك تكون سبباً لنشر هذه السنّة التي ماتت عند كثير من الناس, ومعلوم أن إحياء السنن يؤجر الإنسان عليها مرتين, مرة على فعل السنّة ومرة على إحياء السنّة.

ومنه أنك تكون سبب في إجابة غيرك". 

ولولا أنكِ بدأتِ ما حصل هذا الثواب, وقد جاء في الحديث: (وخيرهما الذي يبدأ بالسلام)[21]

v العلامة السادسة:

ومن العلامات التي بدأت تظهر وأصبحنا نسمع بها, وقد يكون البعض قد قرأ مقالات وتصريحات تروّج لها : (رفض السنة النبوية وعدم العمل بها)

قالe: (لا ألفين أحدكم متكئاً على أريكته يأتيه أمري مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول : لا أدري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه)[22]

و قد ظهر أناس يرفضون اتباع السنة النبوية والعمل بها, زاعمين أن السنة النبوية قد وصلت عن طريق خبر الآحاد, وقد أطلقوا على أنفسهم زوراً وبهتاناً (القرآنيون), وهي كلمة حق أريد بها باطل, زاعمين أن القرآن قد وصل إليهم عن طريق التواتر القطعي الدلالة وأن الله تعالى قد تعهد بحفظه, فهم لا يأخذون إلا منه, لأن السنة النبوية ليست كذلك وهي فكرة تبناها أرباب الفكر الغربي لنفث سمومهم في المجتمع الإسلامي ولا أدري أين هم من قول الله تعالى : ) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى(

v العلامة السابعة:

أخواتي من علامات الساعة ظهور الكاسيات العاريات.

يعني عندما ترين في الإجتماعات مُتعريات فاعلمي أنها علامة من علامات الساعة..

هل تعلمين ماذا لكِ عندما تتركين هذه الألبسة خوفاً من الله؟ اقرئيها في سورة الرحمن )وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ(

ذواتا أفنان, فيهما عينان تجريان, وفيهما من كل فاكهة زوجان, أهلها متكئين على فرش البطائن من إستبرق, وتخيلي البطائن من إستبرق أما الظاهر فلكِ أن تتخيلي ما تتخيلي... لن تخطر درجة النعيم في الجنة على قلب أحد.

إذن ماذا باعت من تشتري هذه الألبسة ؟ باعت جنتان.. (يبيع دينه بعرض من الدنيا).[23]

v العلامة الثامنة:

تداعي الأمم على أمة النبيe .

عن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول اللهe: (يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها" ، فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: «بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن» ، فقال قائل: يا رسول الله، وما الوهن؟ قال: حب الدنيا، وكراهية الموت)[24]

v العلامة التاسعة:

ذهاب الصالحون.

عن مرداس الأسلمي قال: قال النبيe: (يذهب الصالحون الأول فالأول, ويبقى حفالة كحفالة الشعير أو التمر لا يباليهم الله باله).[25]

و صدق عبدالله بن مسعود حين قال: "لا تقوم الساعة حتى يذهب الصالحون أسلافاً, ويبقى أهل الريب من لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً".

v العلامة العاشرة:

تباهي الناس في المساجد و زخرفتها .

عن أنس أن رسول الله eقال : (لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد)[26]

v العلامة الحادية عشر:

المرور في المساجد واتخاذهم طرقاً وعدم الصلاة فيها.

عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول اللهe: (إن من أشراط الساعة أشراط الساعة أن يمر الرجل في المسجد لا يصلي فيه ركعتين)[27]

v العلامة الثانية عشر:

قلة العلم و رفعه وثبوت الجهل وتفشيه.

عن أنس قال: قال رسول اللهe : (إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويثبت الجهل ويشرب الخمر ويظهر الزنى)[28]

لكن هنا سؤال: كيف يرفع العلم؟

والإجابة عنه من خلال أمرين:

الأول : يرفع العلم بقبض العلماء, ويؤيده ما رواه عبدالله بن عمرو قال: سمعت رسول الله e يقول:

(إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالمًا اتخذ الناس رؤوسًا جهالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا).

الثاني: يرفع العلم عند التماسه من الأصاغر لما رواه أبو أمية الجمحي أن رسول الله e قال : (إن من أشراط الساعة ثلاث......إحداهن أن يلتمس العلم عند الأصاغر)[29]

وعن علي رضي الله عنه : "أنه ذكر فتناً تكون آخر الزمان فقال له عمر: متى ذلك يا علي؟ فقال: إذا تُفقّه لغير الدين, وتُعلّم العلم لغير العمل, والتمست الدنيا بعمل الآخرة".

أخواتي:

v هناك علامات خطيرة ظهرت أود التنبيه عليها وهي ثلاث:

الأولى: انتشار الربا            

قالe: (بين يدي الساعة يظهر الربا)[30]

والظهور هنا: بمعنى الكثرة والانتشار, والربا صورة خطيرة جداً حتى إن كثير من المعاملات التجارية والأُطروحات الاستثمارية اليوم يحذر منها علماؤنا –وفقهم الله- لما فيها من شبه الربا.

ولا حول ولا قوة إلا بالله

ويكفينا في الربا لفظ استعمله القرآن أجزم أنكِ لن تجدي أبلغ منه ) يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا(فاحذروا الربا فإنه وبال وشقاء وضنك وبلاء.

الثانية: شرب الخمر وتسميتها بغير اسمها

(ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها)[31] وستعجبين إذا علمتِ أن الخمر لم تسم بغير اسمها إلا في هذا العصر, ألم تسمى (بالمشروبات الروحية أو ويسكي وغير ذلك) و وسائل الإعلام تزيّن للناس أن شاربها من المتحضرين العصريين ونسوا أنه عند الله من الملعونين. -اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك وبفضلك عمن سواك-.

الثالثة: انتشار المعازف والقينات و دخولهما الكثير من البيوت.

قالe: (سيكون في آخر الزمان خسف وقذف ومسخ, إذا ظهرت المعازف والقينات واستحلت الخمر)[32]

وأصبحنا نسمع المعازف اليوم من نغمات الجوالات حتى في المساجد, فاللهم لطفك.



أخواتي:

هناك علامات لن أقف عليها بل سأعددها تعداد:

شيوع التبرج, وتسلط الحكام على الرعية, التطاول في البنيان, وضع الأخيار ورفع الأشرار, وتخوين الأمين وائتمان الخائن, تشبب المشيخة, إتباع المسلمين اليهود والنصارى وتقليدهم.





وبعد أحبتي:

نحن نحتاج إلى أن نبلغ درجة اليقين بأن وعد الله حق..

علمنا علامات الساعة فماذا أعددنا لها ؟ هذا هدفي من طرح هذا الموضوع..

)وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى ( خير الزاد التقوى.. خير الزاد التقوى.

وإليكِ البشارة:

قال تعالى : ) إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ* لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ * لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (









اللهمّ اجعلنا من الذين لا يحزنهم الفزع الأكبر

اللهمّ إنّا نعوذ بك من فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال ومن عذاب القبر وعذاب النار

سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. [33]
















[1] مسند أحمد (5/189).
[2] أخرجه أحمد(2/199,163,162)والحاكم(1/147)وصححه ووافقه الذهبي.
[3] أخرجه أحمد(16/422)ط الرسالة وصححه الشيخ الألباني في "الصحيحة"(2772).
[4] أخرجه الطبراني في الأوسط(9376) وصححه الألباني بشواهده في الصحيحة(2292)
[5] أخرجه البخاري, كتاب الاستسقاء, باب ما قيل في الزلازل والآيات(1036),وكتاب الأدب, باب حسن الخلق والسخاء وما يكره من البخل(6037).
[6] أخرجه أحمد(2/519),وابن حبان في "صحيحه"(6718),وصححه الشيخ الألباني في "الصحيحة"(2772)
[7] أخرجه البخاري,كتاب العلم,باب فضل العلم(59).
[8] أخرجه مسلم, كتاب الإيمان, باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان و وجوب الإيمان بإثبات قدر الله تعالى.
[9] أخرجه البخاري في العلم(59).
[10] صحيح مسلم, كتاب الأمارة, باب كراهة الإمارة بغير ضرورة(1825)
[11] الألباني, صحيح الترمذي (2416)
[12] البخاري(1036)
[13] أخرجه أحمد (2/538/537),وابن حبان في "صحيحه"(6842),وأبو يعلى في مسنده (6680)من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
[14] متفق عليه.
[15] سبق تخريجه.
[16] سبق تخريجه.
[17] أخرجه البخاري في كتاب الرقاق،باب:ما يحذر من زهرة الدنيا والتنافس فيها(6425)وفي(3158)ومسلم كتاب الزهد والرقاق باب(53)(2961)
[18] أخرجه مسلم في الفتن,باب فضل العبادة في الهرج (4/2268)
[19] أخرجه أحمد في مسنده (1/419/408/407)والحاكم(4/446/445)وصححه و وفقه اذهبي والبخاري في الأدب المفرد(1049)وصححه الألباني.
[20] أخرجه البخاري (6234)
[21] أخرجه البخاري (6077)(237) ومسلم(2560)
[22] أبو داوود في السنة (4297) وأحمد(6/375)بسند صحيح.
[23] مسلم (118), ابن باز في مجموع فتاويه (3/147)
[24] أبو داوود في الملاحم (4297) وأحمد(6/375)بسند صحيح.
[25] البخاري في الرقاق (6070)
[26] أبو داوود في الصلاة (944)والنسائي في المساجد(688)وابن ماجه في المساجد(739)وأحمد(3/134)بسند صحيح.
[27] السلسلة الصحيحة (2/649)
[28] مسلم في العلم (6726)
[29] أخرجه ابن المبارك في الزهد(61)بسند صحيح.
[30] السلسلة الصحيحة للألباني (3415)
[31] ابن القيم في إغاثة اللهفان. (1/392)
[32] الألباني في صحيح الجامع (3665)
[33] المراجع:
1/رحلة إلى الدار الآخرة-  الشيخ محمود المصري
2/أحداث النهاية ونهاية العالم- الشيخ محمد حسان
3/علامات الساعة الصغرى والكبرى- د.محسن البلتاجي
4/دراسات في السنّة النبوية- د.صديق أبو الحسن , د.محمد نبيل غنايم.