فضل عشر ذي الحجة
تفريغ نصي لمحاضرة أ.نورة الدخيل -حفظها الله-
لتحميل المحاضرة pdf اضغطي هنا
لتحميل المحاضرة pdf اضغطي هنا
بسم الله الرحمن الرحيم
فضّل
الله عزوجل بعض المخلوقات على بعض، ففضّل الأنبياء على سائر الخلق، وفضّل الصحابة
على غيرهم،
وفضّل
مكة والمدينة على غيرها من البقاع، وفضّل ليال على ليال ففضّل ليلة القدر على
غيرها، وأيام على أيام...
فهو
سبحانه يخلق ما يشاء ويختار،
جاء
عند البخاري عن ابن عباس قال: قال رسول اللهe :
(ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام) -يعني أيام العشر-،
قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: (ولا الجهاد في سبيل الله،
إلا رجل خرج بنفسه وماله، فلم يرجع من ذلك بشيء).
مامن:
تفيد الحصر.
أحب:
صيغة تفضيل.. يعني أن هناك ما دون هذه من الأيام مما هو محبوب لكن ليس كحب الله
للعمل في هذه الأيام.
أي
أن الحسنة في هذه الأيام موطن محبة الله أكثر من غيرها، ويكفي أن نقول من نال فيها
من العمل الصالح؛ نال فيها من محبة الله.. وعلى قدر تلمس العبد لمحبوبات الرب دلّ
على أن ربه يحبه.
إلا رجل خرج بنفسه وماله:
استثنى النبي e جهادًا واحداً وهو أفضل الجهاد،
فإنه e سئل أي الجهاد أفضل قال
(من عُقر جواده، وأُهريق دمه) ،وصاحبه أفضل الناس درجة عند الله فهذا الجهاد
بخصوصه يفضل على العمل في العشر، وأما بقية أنواع الجهاد فإن العمل في عشر ذي
الحجة أفضل وأحب إلى الله عزوجل منها.
فإن
خرج بنفسه فاستشهد -على عظم أجر الشهداء الذين قال الله عنهم)فَرِحِينَ
بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ(-
لكن
عُلم من الحديث أن الأعمال الصالحة في العشر يزيد عليه لمضاعفة ثوابه وأجره. –ابن
رجب.
وفي
رواية أخرى: (مامن عمل أزكى عند الله ولا أعظم أجراً من خير يعمله في عشر
الأضحى) فتح الباري.
قال
أنس بن مالك –رضي الله عنه- : "كان يقال في
أيام العشر بكل يوم ألف يوم، ويوم عرفة عشرة آلاف يوم".
أي:
(الساعة=ألف ساعة ، الدقيقة=ألف دقيقة=16ساعة ، الثانية= ألف
ثانية=8ساعات). لو صح هذا عن أنس رضي الله عنه.
وجاء
عن مجاهد –رحمه الله-: "العمل في العشر يضاعف"
ويصدّقه
قول الرسول e:
(أعظم أجرًا) ، فالحسنة في العشر أثقل عند الله من غيرها من الأيام..
فالقُبلة
على رأس الوالدين براً ثقيلة عند الله، لكن في العشر أثقل,
قرائتك
لحرف من المصحف عظيم.. وفي العشر أعظم، حتى الطبق تقدمه لجارك.
وكان
سعيد بن جبير راوي الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما: "إذا دخل العشر اجتهد
اجتهاداً مايكاد يُقدر عليه".
فالغنيمة
الغنيمة بانتهاز الفرص في هذه الأيام العظيمة، فالمبادرة المبادرة بالعمل،
والعجل العجل قبل هجوم الأجل.. قبل أن يسأل
أحدنا الرجعة فلا يُجاب إلى ما سأل.
v بماذا
تستقبل هذه العشر؟ مواسم التجارة الرابحة مع الله
1-الإستعانة
بالله: وأنه
لا حول لنا ولا قوة، فلا حول لنا بتكبيرة نجهر بها إلا بالله وصدقة نخرجها إلا
بالله.
2-التوبة:
حاذري
أن تدخلي العشر والطريق بينك وبين الله قد سُدّ!
حاذري
أن تدخلي العشر وصيحفتك قد سوِّدت، فرب صحيفة سوداء لايظهر فيها ماكتب!
"احذروا
المعاصي فإنها تحرم المغفرة في مواسم الرحمة، احذروا المعاصي فإنها سبب الطر
والبُعد كما أن الطاعات سبب القرب والود".
سُئل
الشيخ الشنقيطي-حفظه الله- بما تستقبل العشر؟ فأجاب:
"بكثرة
الإستغفار لأن الذنوب تحرم العبد التوفيق".
3-الحج
والعمرة: من
أعظم عبوديات العشر فإذا نويتِ فالله عزوجل كريم فيبلغك تلك البقاع الطاهرة..
الأعرابي
الذي غزا مع النبي e فقسم له
النبي e من الغنيمة فقال: "ماعلى
هذا تبعتك، ولكني تبعتك على أن أرمى بسهم من هاهنا –وأشار بحلقه- فأموت فأدخل
الجنة" فلبثوا قليلاً ثم نهضوا في قتال العدو فأُتي به للنبي e وقد أصيب بسهم حيث أشار.. فقال النبي e : أهوَ هو؟ قالوا: نعم، قال: "صدق الله
فصدقه" ثم كفنه النبي e في جبّته ودعا له..
فالحج عبادة عظيمة وقال النبي e لعائشة رضي الله عنها:
(جهادكن الحج).
وإن
قعدتِ لعذر مع نيتك فأنتِ شريكة السائرين، وربما سبق السائر بقلبه السائرين
بأبدانهم.
يا
سائرين إلى البيت العتيق لقد سرتم
جسوماً وسرنا نحن أرواحاً
إنا
أقمنا على عذر وقد رحلوا ومن أقام
على عذرٍ كمن راحا
4-الفرائض:
(ماتقرّب
إليَّ عبدي بأحب مما افترضته عليه) أفضل الأعمال إلى الله
عزوجل الصلاة على وقتها، إقامتها، جمع القلب على سورة الفاتحة.. أداء الحقوق.
5-التكبير
وكثرة ذكر الله عزوجل:
أهل
الأمصار يشاركون الحاج في الذكر جاء عند أحمد: (فأكثروا فيهن من التهليل
والتكبير والتحميد) فنصّ على الذكر.
وكان
ابن عمر وأبو هريرة -رضي الله عنهما- "يخرجان
إلى السوق في أيام العشر يكبران، ويكبر الناس بتكبيرهما لايأتيان السوق إلا لذلك".
وكان
عمر وابنه عبدالله -رضي الله عنهما- "يكبران في منى ويرفعان
أصواتهما في التكبير فيكبّر المسلمون حتى ترتج منى بالتكبير".
وهذا
هو التكبير المطلق: من دخول شهر ذي الحجة إلى غروب شمس اليوم الثالث عشر.
أما
التكبير المقيد: فهو أدبار الصلوات ويبدأ من فجر يوم عرفة إلى غروب شمس اليوم
الثالث عشر..
التكبير
المقيد: يكون بعد الاستغفار ثلاثاً، وقول اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت
ياذا الجلال والإكرام،
والأمر
فيه واسع لعدم ورود نص صريح بوقته.
قال
الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله- :"والتكبير أولى بالعشر من قراءة
القرآن" لكن دون أن ننكر على من يقرأ القرآن.
يجتمع
التكبير المطلق والمقيد في: يوم عرفة، والنحر، وأيام التشريق الثلاث.
صيغته:
ورد في التكبير عدة صيغ، أصحها ما ورد عن ابن مسعود رضي الله عنه:
-
"الله أكبر
الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد"
- "الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر
الله أكبر الله أكبر ولله الحمد"
-
الله أكبر الله
أكبر الله أكبر كبيراً" جاء عن سلمان الفارسي.
واعلمي
أن أكثر ما يسوقك للخيرات الذكر: (سبق المفردون).
نصيحة:
علّقي صيغ التكبير في بيتك، دارك، مدرستك... أحيي سنّة واعلمي أن الله شكور.
6-الصيام:
الصيام
من أحب العبادات لله فكيف يكون جزاء الصائمون في أيام السنة، فالصوّام في هذه
الأيام أحبّ إلى الله وأعظم أجراً..
صيام
السابع والثامن والتاسع لم يرد في الشرع، قال ابن عثيمين رحمه الله يصوم التسعة
كاملة..
قال
الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: "صيام النفل بنيّة القضاء
جائز".
قال
عمر -رضي الله عنه-: "لابأس بقضاء رمضان في
العشر".
7-تلمسوا
البر: قُبلة على رأس الوالدة في هذه الأيام أفضل من غيره، وأصل التوفيق :
(البر)
جاء
رجل إلى النبي e، فاستأذنه في الجهاد، فقال: (أحي والداك؟)
، قال: نعم، قال: (ففيهما فجاهد).
صدقة
بعشر دراهم في العشر خير من غيرها في أيام العام، أطرقي جميع أبواب الخير، أحسني
لجار.. زوري قريباً ..عودي مريضاً ..تصدقي على مسكين.. أطعمي جائع.. ابتسمي في وجه
أخيك.
هل
السيئة في العشر عظيمة؟
"نعم، بل أشد حرمة الأشهر الحرم هو شهر ذو الحجة.. لحديث: (فإن
دماءكم، وأموالكم، وأعراضكم، بينكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم
هذا)" –لطائف المعارف.
8-الأضحية:
هي
دم يهراق تعظيماً لله عزّ وجل.
وحكمها:
سنة مؤكدة، وسمّيت بهذا: لأنها تذبح ضحى.. لم يصح في فضل الأضحية ومقدار الأجر
المترتب عليها حديث بعينه لكن جاء عند ابن ماجة: (أن بكل شعرة حسنة) وليس
شديد الضعف وأهل العلم يتساهلون في رواية هذا الحديث في كتبهم.
ومن
عزم على الأضحية يمسك عن شعره وأظفاره ولو لم يعزم إلا في اليوم الثالث من ذي
الحجة.
قال
النووي –رحمه الله- :"يبقى كامل الأجزاء ليعتق من
النار".
وأجاز
أهل العلم الدَّين للأضحية لمن قدر على السداد.
واستحب
بعض أهل العلم أوصاف في الأضحية:
-كثرة
اللحم وطيبه.
-الذكر:
لأن النبي e ضحّى بكبشين، ولأن لحم الذكر أكثر، وفيه
إضرار بذبح الإناث.
-ماكان
فيه بياض وسواد، وكان البياض أكثر؛ لأن النبي e (ضحّى بكبشين أملحين).
تقسّم: ثلث للدار، وثلث للجار، وثلث للمحتاج )فَكُلُوا
مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ(
الأصل في تضحية النبي e
: عنه وعن أهل بيته، ومنهم من كان ميتاً... فإن نوى بها الأحياء والأموات جاز.
v يوم عرفة:
قيل
سمّي بذلك لأن الناس يعترفون فيه بذنوبهم..
من
فضائل هذا اليوم:
1/أنه
يوم مغفرة وعتق ومباهاة بأهل الموقف كما جاء في صحيح مسلم: (ما من يوم أكثر من
أن يعتق الله فيه عبدا من النار، من يوم عرفة، وإنه ليدنو، ثم يباهي بهم الملائكة،
فيقول: ما أراد هؤلاء؟).
وماثبت
أن الله عزوجل ينزل في يوم غير عرفة.
2/قال
أنس-رضي الله عنه- : "يوم عرفة بعشرة آلآف يوم في الفضل"
3/صيام
يوم عرفة يكفر سنتين، ففي صحيح مسلم: (صيام يوم عرفة، أحتسب على الله أن يكفر
السنة التي قبله، والسنة التي بعده).
وإذا
دليتِ غيرك كان لك تكفير سنتان وفضل الله واسع.
4/الدعاء
في يوم عرفة أفضل الدعاء.. (خيرُ الدعاء دعاء يوم عرفة)
احرصي
على الدعاء كلنا عندنا حوائج...
قال
الباجي –رحمه الله-: "يعني أكثر الذكر بركة، وأعظمه ثواباً، وأقربه
إجابة"
وتمام
الحديث: (وخير ماقلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له له
الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير). حسن وقيل غيره.
فتحقيق
التوحيد موجب لعتق الرقاب وسبب للإجابة..
قال
ابن رجب -رحمه الله-: "من كرمت عليه نفسه هان عليه كل
مايبذل في افتكاكها من النار".
و
قال ابن رجب -رحمه الله-: "كان أبو هريرة يسبّح اثنتي عشرة ألف تسبيحة،
بقدر ديته يفتك بذلك نفسه".
تضرّعي..
تضرّعي.. كان النبي e
في عرفة رافع يديه كاستطعام المسكين.
5/في
فجر عرفة يبدأ التكبير المقيد: فيجتمع المقيد والمطلق.
v يوم النحر –العيد- :
قال
ابن القيّم –رحمه الله-: "خير الأيام عند الله يوم
النحر".
جاء
في الحديث : (إن أعظم الأيام عند الله تبارك وتعالى يوم النحر، ثم يوم القر)
سنن أبي داود،وصححه الألباني.
العيد
الثاني من أعياد المسلمين وهو أكبر العيدين وأفضلها..
الأعمال
التي تؤدى في هذا اليوم:
1/التكبير.
2/
التبكير في صلاة عيد الأضحى، الإغتسال، التجمّل،
الذهاب
من طريق والرجوع من آخر: ليظهر شعائر الإسلام،ليسلّم على أهل الطريق، لتشهد له
البقاع، قضاء حوائج الناس.
3/نحر
الأضحية، والأكل منها.
4/التوسعة
على الأهل، وسّع النبي e على عائشة رضي الله عنها في
مشاهدتها للحبشة.
v أيام التشريق:
- يوم القر (الحادي عشر) :(إن أعظم الأيام عند الله تبارك
وتعالى يوم النحر، ثم يوم القر)، وهو اليوم الحادي عشر سمّي بذلك لأنهم يقرّون
لله فيه بمنى.
-وأجلّ
التعظيم لله في هذا اليوم: الإكثار من ذكره سبحانه، المطلق والمقيّد.
-"يجوز
النحر فيه لمن لم ينحر فوقت النحر واسع إلى غروب شمس اليوم الثالث عشر، إلا أن
الذبح في النهار أفضل وفي العيد أفضل مما بعده" ابن عثيمين رحمه الله.
-أيام
التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله تعالى، وإنما يكون الأكل استعانة على الذكر.. لا
أكل بطر وأشر.
v الأشهر الـحُرم:
خطب
النبي e في حجة الوداع فقال في خطبته :
(إن الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق السماوات والأرض،
السنة اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض، منها أربعة حرم فلا
تظلموا فيهن أنفسكم ذلك الدين القيّم)
ثلاث متواليات، و واحد فرد شهر رجب.
واختلفوا
لما سمّيت الأشهر الأربع حرماً:
-قيل
لعظم حرمتها وحرمة الذنب..
قال
ابن عباس –رضي الله عنهما-: "اختصّ أربعة أشهر جعلهن حُرماً
وعظّم حرماتهن، وجعل الذنب فيهنّ أعظم، وجعل العمل الصالح والأجر أعظم"
-وقيل
لحرمة القتال فيها.. لكن استدل الجمهور على أن الصحابة اشتغلوا بعد النبي e بفتح البلاد ومواصلة الجهاد في بعض الأشهر الحرم وهذا
يدل على نسخ ذلك.
قَالَ
النبيe للباهلي: (صُمْ مِنَ الْحَرَمِ وَاتْرُكْ)
-قَالَهُ ثَلَاثًا-.
وكان
أهل الجاهلية يتحرّون الدعاء فيه على الظالم، وكان يستجاب لهم.